عائلة طوقان
عدد القراءات: 12623

 

تُعد عائلة طوقان واحدة من أعرق العائلات النابلسية التي لعبت دورًا محوريًا في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في فلسطين منذ العهد العثماني وحتى العصر الحديث. نشأت العائلة في مدينة نابلس، وارتبط اسمها بمراكز النفوذ، والعلم، والأدب، والحكم المحلي.

النشأة والصعود السياسي

يرجع نسب عائلة طوقان إلى أصول عربية شامية، ويُعتقد أن جدّهم الأعلى وفد إلى نابلس في بدايات العهد العثماني. ومع الوقت، صعدت العائلة إلى مصاف النخب المحلية، لتصبح أحد أركان السلطة والإدارة في جبل نابلس، حيث كانت جزءًا من التركيبة العائلية التي انقسمت إلى فريقين متنافسين على النفوذ، الأول بقيادة آل جرار وآل النمر، والثاني بقيادة آل طوقان.

ومن أبرز الشخصيات السياسية في العائلة، موسى بك طوقان، الذي تولى منصب متسلم لواء نابلس – وهو أعلى منصب إداري في المدينة في العهد العثماني – لمدة 16 عامًا غير متتالية، وهو ما يمثل نصف الفترة التي يغطيها بعض الباحثين في دراساتهم عن تلك المرحلة. وقد عُرف عنه القوة والدهاء في إدارة شؤون المدينة، خاصة في ظل المنافسات العائلية الحادة التي كانت تشهدها المنطقة.

النفوذ الإقليمي وتولي المناصب العليا

لم يقتصر نفوذ آل طوقان على مدينة نابلس، بل تجاوزها إلى مدن أخرى، وفي مقدمتها القدس. فقد تولى أسعد بك طوقان منصب متسلم القدس أكثر من مرة منذ عام 1780م، واستمر تعيينه في هذا المنصب خلال العقود التالية حتى قبيل الحملة الفرنسية على المنطقة. كما تشير الوثائق الشرعية إلى تعيين عبد الله بك طوقان في المنصب ذاته مرة واحدة.

جاءت هذه التعيينات في إطار سياسة عثمانية هدفت إلى مكافأة العائلات النابلسية على مواقفها في مواجهة محاولات التوسع التي قادها ظاهر العمر الزيداني من الجليل جنوبًا. ومع انتهاء خطر ظاهر العمر، وتثبيت حكم أحمد باشا الجزار في عكا، خفّضت الدولة العثمانية من اعتمادها على العائلات النابلسية في إدارة المدن الكبرى مثل القدس، لتجنب تنامي نفوذها السياسي والديني.

المواقف من محمد علي وثورة 1834

في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، ومع دخول الحكم المصري بقيادة محمد علي باشا إلى بلاد الشام، أبدت بعض العائلات النابلسية، ومنها آل طوقان، تعاونًا أوليًا مع السلطة الجديدة، خاصة لما وفرته من فرص إدارية وتجارية. إلا أن هذا التعاون لم يدم طويلًا، إذ شارك وجهاء من جبل نابلس، إلى جانب آل عبد الهادي وآل قاسم الأحمد، في ثورة 1834، التي مثّلت تمردًا واسع النطاق ضد السياسة المركزية المصرية.

النفوذ الاقتصادي والثقافي

مارست عائلة طوقان نفوذًا اقتصاديًا واسعًا من خلال امتلاكها لمصانع الصابون النابلسي الشهير، إضافة إلى إدارة الأراضي الزراعية والتجارة. كما امتلكت العائلة عقارات بارزة، من أهمها قصر آل طوقان في البلدة القديمة، الذي يُعد من أجمل القصور التاريخية في فلسطين، ويمثّل تحفة معمارية تعكس ذوق العصر العثماني المتأخر.

إرث أدبي خالد

إلى جانب مكانتها السياسية، أنجبت العائلة رموزًا أدبية من أبرز أعلام الشعر العربي الحديث، وفي مقدمتهم الشاعر إبراهيم طوقان، الذي ذاع صيته بقصيدته "موطني"، التي تحولت إلى نشيد وطني يُردد في مختلف أنحاء العالم العربي. كما تألقت شقيقته فدوى طوقان، التي أصبحت من رائدات الشعر النسوي العربي، وقدّمت في شعرها تجارب الوجدان الفلسطيني الممزق تحت الاحتلال والنكبة.

عائلة طوقان ليست مجرد عائلة فلسطينية بارزة، بل هي نموذج لعائلة عربية شاركت في صناعة التاريخ من أبوابه السياسية والثقافية والاجتماعية. وقد حافظت على حضورها في وجدان المدينة والبلاد بفضل ما قدمته من رموز، وقيم، ومواقف، لا تزال تشكل جزءًا من هوية نابلس وتاريخ فلسطين الوطني.

تصميم وتطوير: ماسترويب