عائلة فطاير في نابلس: إرث ذهبي وجذور عمريّة أصيلة
عدد القراءات: 17225
أصل اللقب والنسب
تحمل عائلة فطاير اسمًا له جذور دلالية مرتبطة بحِرفة صياغة الذهب، إذ أن كلمة "فطيرة" كانت تُطلق في بلاد الشام – ولا تزال – على قطعة الذهب الصغيرة. وقد اشتهر بعض أفراد العائلة بمزاولة تجارة وصياغة الذهب بمهارة فائقة بعد الفتوحات الإسلامية، حتى شاع وصفهم بـ"فطاير الذهب"، ومنها جاء اسم العائلة "فطاير"، كتعبير عن الحرفة التي تميزوا بها.
أما من حيث النسب، فإن عائلة فطاير تنتسب إلى العمريين، وهم من سلالة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد استقر فرع من هذه السلالة بعد الفتوحات الإسلامية في شمال الأردن، وسهل بيسان، والأغوار، ومدينة نابلس، وغزة. ويُعتبر علي بن عليم بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن عبد الرحمن الأصغر بن عمر بن الخطاب الجد الجامع لعمريي الأردن وفلسطين، وقد دُفن في قرية حمامة قرب يافا عام 474هـ.
الاستقرار في نابلس
انطلاقًا من براعتهم في التجارة والصناعة، استقر آل فطاير في مدينة نابلس، التي كانت مركزًا تجاريًا هامًا في العهد العثماني، وأقاموا في البلدة القديمة، وتحديدًا في حارة القريون، حيث شيدوا منازلهم وامتلكوا العديد من البيوت. ولا تزال بعض السجلات العثمانية (الكواشين) تثبت امتلاكهم لأراضٍ ومباني، منها مقر العمارة – الشرطة حاليًا، والتي كان يملك جزءًا منها المرحوم إبراهيم بن موسى فطاير.
وقد امتد حضورهم العقاري ليشمل مناطق بارزة في المدينة مثل:
  • جبل فطاير
  • خربة فطاير
  • رأس العين
ولا يزال لعائلة فطاير ديوان عامر في نابلس، كان من أوائل الدواوين التي تستضيف الحجاج وعابري السبيل مجانًا ضمن تقليد نبيل شاركت فيه ست من أعرق عائلات نابلس.
الانتشار الجغرافي
نتيجة للظروف السياسية، خاصة نكسة 1967، انتقل قسم كبير من أبناء العائلة إلى الأردن، حيث استقروا بشكل رئيسي في العاصمة عمان. كما يتواجد منهم عدد في:
  • بلدة قبلان شرق نابلس، حيث شكلوا تجمعًا كبيرًا.
  • قطاع غزة، وهم على صلة مباشرة بأقاربهم في نابلس.
  • مصر، وتحديدًا في المنطقة الشرقية، ولا يزال بعضهم يعمل في تجارة الذهب حتى اليوم.
التحالفات والامتداد القبلي
ينتمي آل فطاير إلى الغزاوية العمريين في الأغوار وسهل بيسان، وكانوا ضمن تحالف مع آل العدوان ضد آل الفضل في نزاعات محلية قديمة، انتهت بانتصارهم، مما رسخ مكانتهم بين العشائر والقبائل في جنوب الشام.
التميز العلمي والمهني
إلى جانب التجارة والصناعة، برع عدد من أبناء عائلة فطاير في العلوم الطبية والهندسية والكيماوية والإدارية، وتخرجوا من أرقى الجامعات العربية والأجنبية، ومن أبرزهم:
  • المهندس سعدي بن حسني فطاير: أحد أوائل مهندسي فلسطين، خريج الجامعات البريطانية إبان الانتداب.
  • الدكتور وائل بن طاهر: جراح بارز على المستوى العربي.
  • الأستاذ الدكتور جواد بن عبد القادر: أستاذ في الطب النفسي.
  • الدكتور عدلي بن عادل: جراح قلب متخصص.
  • عبد الرحيم بن حسني: من أوائل الحاصلين على درجة الماجستير في الكيمياء الحياتية في فلسطين والأردن (1967).
  • محمد عماد بن عبد الله: أول عربي يحصل على درجة الماجستير في هندسة الكيمياء الحيوية من جامعة لندن (1980).
الخلاصة
تمثل عائلة فطاير إحدى العائلات الفلسطينية ذات الامتداد العمري، والإسهام الحضاري، والهوية الوطنية والدينية. من صياغة الذهب إلى صياغة الفكر والعلم، ومن استضافة الحجيج في حارة القريون إلى الريادة الأكاديمية في جامعات العالم، يظل اسم "فطاير" شاهدًا على حضورٍ نابلسيٍ أصيلٍ لم تطوِه الأيام، بل رسّخته المآثر.

تصميم وتطوير: ماسترويب