وُلد الشيخ ناجي صبحة في الأول من آب عام 1937 في بلدة عنبتا قضاء طولكرم، في بيت متواضع عُرف بتدينه والتزامه الديني، وذلك في ظل أجواء الثورة الفلسطينية ضد الاستعمار البريطاني. نشأ منذ صغره على القيم الإسلامية والوطنية، وتلقى تعليمه الأساسي في بلدته، ثم انتقل إلى جامعة دمشق حيث حصل على شهادة الليسانس في التاريخ عام 1964. واصل تعليمه لاحقًا فدرس سنة ماجستير في الجامعة الأردنية، لكن الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 حال دون استكماله للدراسة في حينه. رغم ذلك، عاد وأكمل دراسته الأكاديمية، فحصل على درجة الماجستير من جامعة النجاح الوطنية عام 1997 وهو في سن الستين.
بدأ مسيرته المهنية مدرسًا عام 1954، واستمر في سلك التعليم حتى عام 1970 حين فُصل من عمله بعد اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال. غير أنه لم يبتعد عن ميدان العلم، فافتتح مكتبة لبيع الكتب الإسلامية والعلمية، ثم عمل محاضرًا في جامعة النجاح الوطنية منذ عام 1982 ولمدة عشرين عامًا.
انتمى الشيخ ناجي صبحة إلى جماعة الإخوان المسلمين في سن مبكرة (16 عامًا)، وكان من القيادات المؤسسة للحركة الإسلامية في فلسطين، وعضوًا في مجلس الشورى العالمي لتنظيم الإخوان المسلمين. وقد عُرف بإخلاصه واندفاعه، وكان خطيبًا ومحاضرًا مفوهًا، شارك في عشرات الندوات والمهرجانات واللقاءات الدعوية. خاض تجربة الاعتقال ست مرات من قبل الاحتلال الإسرائيلي، أولها عام 1968، وتعرض أيضًا للاعتقال من قبل السلطة الفلسطينية عام 1997.
كان الشيخ رحمه الله مفكرًا ومؤرخًا وأديبًا، من آثاره المطبوعة:
كما ألقى العديد من القصائد الشعرية، وكان آخرها في تأبين الشيخ الشهيد أحمد ياسين.
عُرف الشيخ ناجي صبحة أيضًا بمسيرته الاجتماعية، فقد كان من مؤسسي لجان الزكاة في عنبتا، وممن ساهموا في إعمار المساجد، ولعب دورًا إصلاحيًا في المجتمع، وكان يُنظر إليه كصمام أمان بين مختلف الفصائل الفلسطينية. عمل في لجنة زكاة عنبتا، وكان له دور ملموس في العمل الخيري والمجتمعي في البلدة.
توفي فجر يوم السبت 29 أيار/مايو 2004، في مستشفى نابلس التخصصي، بعد معاناة مع مرض عضال. منعت سلطات الاحتلال سفره إلى الخارج لتلقي العلاج، رغم المناشدات القانونية والطبية، ما أدى إلى تفاقم حالته ووفاته، ما اعتُبر جريمة إنسانية واضحة. شُيّع جثمانه في جنازة شعبية كبيرة في بلدته عنبتا، بمشاركة عشرات الآلاف من أبناء طولكرم والمناطق المجاورة، وشخصيات دينية ووطنية.
خلف الفقيد إرثًا دعويًا كبيرًا، وكان نموذجًا في الزهد والثبات والفكر الإسلامي الوسطي، وقد ربّى أبناءه على النهج ذاته، حيث يقبع اثنان من أبنائه، محمد وأُسيد صبحة، في سجون الاحتلال. وشاركته زوجته الصابرة أم أسامة مسيرة النضال، وكانت أيضًا من ضحايا الاعتقال.
رحل الشيخ ناجي صبحة في عام وصفه محبوه بـ"عام الحزن"، بعد أن ودّعت فلسطين قبله كوكبة من القادة، من أبرزهم الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ليكتمل الثلاثي برحيل هذا العالم والداعية والمجاهد الذي عاش ومات وفيًا لقيمه، وأمته، ودعوته.