وُلد الدكتور حسني فهمي المصري في مدينة نابلس عام 1935، حيث نشأ في بيئة نابلسية عريقة ذات اهتمام بالعلم والمعرفة، وتلقى تعليمه الأساسي في مدرسة الخالدية ومدرسة الصالحية، ثم انتقل إلى كلية النجاح الوطنية التي أكمل فيها دراسته الثانوية. وقد تميز بتفوقه العلمي، فكان الأول في صفه ومن أوائل الطلبة في امتحان الثانوية الأردنية (المتروكليشن) عام 1958، وتم تكريمه ضمن نخبة المتفوقين في احتفال رسمي أقيم في مدينة عمّان، بحضور جلالة الملك الحسين بن طلال – رحمه الله.
يُعد الدكتور حسني من الجيل المؤسس في جامعة النجاح الوطنية، إذ عُرف كواحد من أقدم موظفي المؤسسة حين كانت لا تزال "كلية النجاح"، ورافق تطورها منذ بداياتها الأولى، وشهد مراحل تحولها ونهوضها لتصبح إحدى كبرى الجامعات الفلسطينية.
تابع دراسته الجامعية في وقت لاحق، فحصل على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة بيروت العربية/جامعة الإسكندرية عام 1977 بتقدير امتياز. ثم أوفدته جامعة النجاح الوطنية في بعثة أكاديمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نال درجة الماجستير في إدارة التعليم العالي بامتياز عام 1981، وتبعها بنيل درجة الدكتوراه في التخصص ذاته عام 1983، أيضًا بتقدير امتياز.
تولى الدكتور حسني المصري عددًا من المناصب الإدارية والأكاديمية البارزة في جامعة النجاح الوطنية، من أبرزها عمله عميدًا لكلية التربية وكلية مجتمع النجاح الوطنية في الفترة ما بين عامي 1983 و1992. وكان له دور إداري فاعل في إدارة الجامعة، حيث عمل سكرتيرًا لمجلس هيئة عمدة الكلية في الفترة الممتدة بين 1971 و1976.
أسهم خلال مسيرته الأكاديمية في الإشراف والمناقشة العلمية على أكثر من 42 رسالة ماجستير في جامعتي النجاح الوطنية والقدس/أبو ديس، كما ترك بصمته العلمية من خلال أبحاث ودراسات مرجعية، من أبرزها دراسته المهمة حول فلسفة التعليم العالي في المناطق الفلسطينية المحتلة، التي أنجزت بتكليف من منظمة التحرير الفلسطينية.
كان الدكتور حسني المصري حاضرًا في مجالات التعليم والمجتمع، حيث شارك في تأهيل المعلمين والمعلمات في المدارس الرسمية الفلسطينية في ظل الاحتلال بدعم من منظمة التحرير، وساهم في المؤتمر الفلسطيني الأول للصحة النفسية والإرشاد عام 2000، بصفته عضوًا في اللجنة الاستشارية ورئيسًا لإحدى جلساته. كما نشط في العمل الأهلي من خلال عضويته في عدة جمعيات تربوية وخيرية منها جمعية أصدقاء المريض، جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وجمعية الصم والبكم.
تميز الدكتور حسني بحضوره الإعلامي، حيث كتب مقالات تربوية واجتماعية مهمة، وشارك في حوارات عبر الإذاعة الفلسطينية، ووسائل الإعلام المحلية المختلفة. وفي الأعوام الأخيرة من حياته، تولى عضوية مجلس أمناء كلية الروضة للعلوم المهنية في نابلس منذ عام 2010، كما شغل منصب مقرر لجنة إحياء تراث النجاح وتطويره منذ عام 2008، وعمل على توثيق تاريخ الجامعة وأعلامها.
رحل الدكتور حسني فهمي المصري عن عالمنا في السابع من كانون الثاني/يناير عام 2020، بعد مسيرة علمية وإنسانية حافلة امتدت لعقود، تميز فيها بالتفاني في خدمة مجتمعه وجامعته ووطنه، وترك وراءه إرثًا أكاديميًا واجتماعيًا سيبقى حيًا في ذاكرة نابلس وفلسطين.
المصدر: لجنة إحياء تراث النجاح وتطويره – جامعة النجاح الوطنية
