انزياح.. انزلاق..وكل شيء من زجاج...
عدد القراءات: 3251

 

 

سعيد أبو معلا **

_________________________________________________________.

 

تقول (بعيدا بعيدا): "الناس محبطة يا ...."

يقول (مطر رام الله): "نحن مقهورون" ويسكت بقدر تنهيدتان وإغلاق نافذتان من على مسنجره.

يقول (يزيدك عمق الكشف غموضا): "الكل هنا ذبل"

تقول (على طول الأيام): "أحبي لك خيانة في وطن التعب والجوع؟"

(لم نكن.. لست أنا كما أنا) يقول: "كتب صحيح... لكنه كتب كمن يستأذن الرحيل!!"

تقول (سوسن): "لفرط حبي أريد أن أغادر"

 

* 1 *

رويدا... رويدا... يترنحون في حواراتهم على "المسنجر"، كمناديل بيضاء معلقة على عصي قصيرة تماما...يسرق منهم محاورهم ألمهم في تعرية خالصة لمأزق مشاعرهم المختطفة.

 

من أسماء "النك نيم" على "مسنجراتهم" تنكشف حالتهم.. يعرضونها لا شعوريا كغسيل أشبع برطوبة العفونة...يفورون كماء قدر أنهكه الحطب المتقد أسفله.

 

"هو" ومن على "مسنجره"، في بعده عنهم، يساعد على تفريغ شحنات غضبهم، واحد تلو الأخر..يتفنن بما يعده واجبه في التخفيف عنهم من صور واقعهم الجائع لكل شيء يحبونه...الصور السوداء تراكمت بصدمات تتوالي يوميا لتنكسر حالة ذهولهم ودهشتهم بتكرار لا يغتفر مما يحدث في الشوارع وخلف الأبواب.

 

يسردون له عبر عناقهم الحار لأرواحهم ما يفتقدونه في المقاهي التي يرتادونها، والشوارع التي يسيرون بها، والأشجار التي علقت عليها أحلامهم، ومجال الرؤية الذي اعتادوا عليه، وتبدل الأشياء والأشخاص كالفصول.

 

يفضفض الموجوعون عبر "المسنجرات"، دون عناء حتى في التذكر، كأنهم أمام ميكرفون ضخم لا يخرج أي صوت، ينكشفون كما يتمنون من الداخل.. لا يعلنون الحياة..من الداخل يعلنون الصراع والخوف والموت وأمنيات الهدوء المشتهى....

على "المسنجر" تتجه الأصوات للداخل، للغابة العنكبوتية الالكترونية، والمتلقي يمتص، يستحضر المشهد بالقراءة والتخيل.

يتحدثون بوجع دب دون لجام، ويخططون للاختفاء بطرق مختلفة كل تناسب زاوية رؤيته وحجم حلمه، ومدى رهانه على محيطه، يريدون إقصاء أرواحهم هربا إليها ولا شيء غير ذلك، لا شيء غير الطموح بالبعد عن كل ما كانوا يجدون فيه مصدر للفخر والعشق والحب وإطلاق الابتسامات.

 

يبوحون بما لا يشبه البوح، يعترفون بجرائمهم وبحبهم وغيرتهم، بموتهم المختلف عما اعتادوه من موت أصدقاء لهم، موت مقبل بشكل فجيع، يرونه يقترب..يتسحب بخبث وعناد... وتنتصب قامات أرواحهم..يقصون على بعض رؤيتهم من نوافذ شققهم وغرفهم الصغيرة قاماتهم معلقة على مقاصل لا دخل لهم بها... يرون أجساد من أحبوهم وبجانبها أجسادهم المشوهة تنظر بصمت مطبق...

 

وتدخلهم الحيرة التي تشبه ضبابا أسود ضخم ناتج عن احتراق جميع إطارات العالم في أصغر مدينة يحبونها ويعتبرونها عالمهم..

أحلامهم ضمرت بعد أن أنهكها البرد.

 

* 2 *

 

(الرف المرتفع) : كان شيئا معبرا.. لا .. لا ... هنا كل شيء معبر..

(...........) :  كوميديا سوداء

(الرف المرتفع) : هيك المشهد

(الرف المرتفع) : ما بتقدر تحكي غير هيك

(الرف المرتفع) : بالضبط

(الرف المرتفع) : الناس أكلها الصبر.. يأكلها الصبر

(الرف المرتفع) : الناس اللي بتحكي معهم على "المسنجر" بحكو مثلي ولا بس أنا هيك؟

(..........) : أزود

(..........) : لء... لء.. للدقة لكل واحد زاوية رؤيته في حديثه

(..........) : حالة التعبير عن اختراق الألم خصبة جدا جدا

(الرف المرتفع) : أنا حاس

(الرف المرتفع) : انه أنا غريب ... غريب

(الرف المرتفع): عن كل شي

(الرف المرتفع): عن حالي

(الرف المرتفع): عن الحالة

(الرف المرتفع): عن الذين يحبونني

(لرف المرتفع): عن العادي

(الرف المرتفع): والمدهش

(الرف المرتفع): عن كل شيء

(الرف المرتفع): ما توقعت ذلك والله

 

* 3 *

 

يصرخ عليهم من "مسنجره": يا وسيم..؟ (ووسيم يقطف الزيتون ويعد حباته ويفرز الأخضر عن الأسود منها، ويقابلها بالوجع)، يا زياد..؟ (وزياد يكتب معلنا رغبة الهجرة... وأكونها حلا عمليا)... يا أحلام..؟ (وأحلام تعد خصلات شعرها استعدادا لقصها)... يا سوسن..؟ (وسوسن تبتعد أكثر مما تقترب.. تخاف أن تخسر ما تملكه من ذاتها)... يا عائشة..؟ (وعائشة تراهن على الحب الذي ينمو... وتصبر..).. ويا ثائر..؟ (وثائر يتابع دراسته كمتكأ على عصا نخرها السوس)... يا.. يا.. يا...

الكل يعد ملامح المكان في الآم جسده، وفي أدران ولدت منذ كسرت المشاهد المتتابعة عن صراع "أبطالهم" بريق احتفاظهم بتوقدهم..

يتنقل الألم في الجسد كما يحرك شيخ حبات سبحة طويلة من (99) حبة خشبية.

 

ولا صوت منبعث من شاشة الكمبيوتر...ذات الشاشة تنفلق معلنة رغباتهم بعد نظرة عظيمة من نوافذهم.. يدلون رؤوسهم...مترنحين من أنصاف نوافذ مفتوحة..

يرفع رأسه مترنحا..

يترنح أكثر أمام شاشته، يحرك رأسة كبندول معبأ بحيرة الزمن، ويرشه بماء الشرب ويسمح للماء بالسقوط على الأرض..

تأتيه ثلاث رنات.. إذا رسالة قادمة ردا على سؤاله عن الحال والمكان المحشو بالحشد والحصار: "...على الدرج نظفوا السمك.. خرج الجار وأطلق عليهم النار وأصاب ثلاثة وفقأت عين رابع.. دخلك.. من منا لم يصل ألم روحه لأنفه... هل أطلب دعواتك؟".

رنات.. رنات.. ورسائل ورسائل "الحمد لله... عايشيييين".

قال آخر: "الحمد لله انك تسأل عن غزة.. من الضفة وتسأل عن غزة..الوجع واحد بقليل من خصوصية ألم تكيف عليه.. فيك الخير والله.."

دخلته حمى.. وهو من خاض نقاشات وصفها الحضور بالرائعة مؤكدا أن غزة جزء من قلب لم يكتشفه بعد إلا ألما وأنصاف صور...

قال له: "الحال من بعضه.. صبر انتظار الأخبار لا يغير في قبحها، وغزة تتعكز على هدوء الضفة، والضفة تقترب من غزة".

يؤكدون (زياد ووسيم وثائر) على حقائق من نوع "كل شيء أصبح محتملا ومتوقعا.." "مخنوقون والله" العبارة الأخيرة لزياد.

"لم يبق خطوط حمراء، كنا نتسلى بالخطوط وفقدناها، تاهت"..وهذه عبارة ثائر

"مخنوقون لفظة صغيرة تعبر عنهم"..وهذا توصيفه هو في بعده وفي اكتشاف نتاج تعريته لهم لأوجاع ألمهم.

يرسل "مطر رام الله" عبر المسنجر نص: "هل الهجرة من فلسطين هي الحل؟"

يكتب "عبد الباسط" على مسنجره: "أصبحنا نخجل من فلسطيننا"

يقول "مطر رام الله" لأول مرة فيما يشبه تكرار طال وسيستمر: "نحن مخنوقين يا...،.. أصبحنا نموت بهدوءءءءءءءءءء".

يرسم شكلا للاختناق المادي وشكلا أخر لملامح الاختناق المعنوي.. ويقارن ويكتشف أيهما أكثر دلالة..

"أحلام" تخبره عن شعورها بالتناقض وان ذلك يمتد ليجتاح المدن والبيوت والشوارع وألوان كل شيء...المدن وما يجري فيها تصبح تماما كالأمراض المعدية.. صراعات المدن تعدي سكانها..والقرى المحيطة التي تحاول أن تبقى على حيادها ببساطتها ووضوح خرائطها..ولا أحد ينجو بحياده..

كتبت أحلام مضيفة وكأنها تعاتبه على أسئلته الكثيرة عن الحال: "أنت لا ترى الوجوه، حتى "المسنجر" يعيق ذلك دوما، الكتب الحقيقية هي الوجوه البشرية، هي أكثر دلالة وعمقا دون تواطأ أو تجميل".

 

أضافت في رسالة لاحقة ردا على سؤال القلق الذي ينمو:

"صباح سعيد على غير صباحي؛

لقد سألتني وأعربت عن قلقك الذي يزداد وهذا شأني الذي يفوق ما تحس به؛

لا امتلك أن أقول باني سعيدة لأني اعبر عن رأيي بقوة فاضرب مع المضربين، وبفضل هذا أنا اترك تلميذاتي واجلس أمام النت لأكتب لك هذه الرسالة..

أحس الآن بحزن الوطن، أراه جسدا يئن حيث لا يتوفر مخدّر يخفف جراحه مادام هناك من يهمه أن يصل وحسب.. ومادامت المشافي تعلن إضرابها ...

هل أنا الآن محسوبة على إسرائيل وأمريكا؟

هل أنا الآن خائنة لإرادتي ووجعي ووطني الذي يئن؟

هل أنا الآن راضية جدا معه، أنام براحة وأتناول إفطاري في الصباح فلا يرف لي جفن؟

أنا كل ذلك.. ولست كل ذلك

أنا لا شيء في النهاية

هانحن نصل إلى الوجع الحقيقي.

شكرا لأنك سألتني، أو لا شكرا

فلا اعرف إن كان البوح مازال مجديا في وقت فقد جدواه".

 

يقرر أنه لن يقول لهم على المسنجر أو في رسائله كلمات مثل: "أشعر بكم... ومعكم.. وأحترق"، فقد توقع أنهم سيخبروه: "وفر احتراقك.. لغدك.. وقدومك.."

يصاب بحالة تعرق، ويعجز عن استخدام فارة الكمبيوتر مؤقتا..

 

* 4 *

على المسنجر تخبروه "ميرفت" أن "غزة عايشه"، وتصمت قليلا، وتكرر "غزة عايشه" وتشكره سلفا على قيامه بتحويل نقود المكافئات من الموقع الذي تعمل معه لحسابها في "البنك العربي" بعد أن أخر الحصار عملية إرسال النقود لثلاث أشهر ويزيد لرفض البنوك تحويلها وهي التي لا تتجاوز (400 دولار).

كتبت ميرفت ساخرة: "400 دولار ستفك الحصار الذي ينمو بشراسة، العالم بطل يخجل من زمان".

غزة تتصبب عرقا، تؤكد أيضا أن الموت يكرس كل شيء، والعالم لا يفهم أن "غزة عايشه" بمفهومنا الفلسطيني وليس كما يتخيلون.

يلعب بفكرة أن الضفة إذا تختلف عن غزة، الكل أكد هذا، غزة صغيرة ويظهر فيها كل شيء بوضوح، وبقهر كبير ينزرع في المواطنين...غزة كالكف تماما..الألم فيها كالفضائح والشائعات يدق أبواب كل البيوت بسرعة نار..الناس في غزة ينزرع القهر فيها.. ففيها تربة خصبة لزراعة بذار القهر والفزع والموت، التعب يغوص في الجسد لا شعوريا، يهده هدا، يتسلل للنفوس ويفسد ما يفسد..ويبقى ما يبقى.

"ثائر" أخبره "أن الضفة تصغر، تتقلص، لم تعد كما كانت".

أضاف ثائر: "هناك كثافة في كل شيء، كثافة الألم تنذر بشيء كبير، والحجات في الشارع يطلبن اللطف لا أكثر".

 

وجد "سوسن" تقول أنها تعشق غزة، لن تترك غزة.. ولأنها تعشقها ستغادرها، مغادرة غزة تمنحها إمكانية حفظ حبل سري يربطها بها...

"سأغادر غزة أقول لك في أقرب فرصة.."، "لن تغادري إذا أبدا.." يرد عليها بأكثر من برود.

سوسن أضافت: "إن حنفية الأمل التي كنت تصفها شارفت على التوقف، الكل يتمترس للأخر.."

 

"عائشة" سألت عن خيانتها واهتمامها به في بعده والموت يحاصرها.. يحاصر الحياة ويقصم ظهرها...كالموت الذي يضرب الناس كشبح.

قالت له: "تخيل الشاب يقاوم مئات الجنود متحصنا في مقبرة المدينة الشرقية لمدة 13 ساعة وأنا اسأل عنك في بعدك...سقط ثلاثة شبان وأنا أفكر بك، المواجهات تشبه جبهة حربية كانت..".

تسأل عنه بمسج ومن ثم رسالة الكترونية ويهجم عليها مفهوم الوطن بما تؤمن به وبشعاراته..

تطرح فكرة اليوم على ذاتها، بعد أن انفجر العراك الداخلي في غزة، وتشاركه الطرح بذات الرسالة: "اليوم لا يبدو أن أوهام أو شعارات تسكننا، فقدنا كل شيء وصولا إلى عدم الوثوق بأحلامنا...".

تتصفح ما داسته عيناها من تاريخنا لتجده يعلمنا كيف أصبحنا نفقد أشيائنا ومسلماتنا كلما فر النضال للأمام...

أخبرها في رسالة الكترونية سريعة أنه "طالما نحب مهما كان دين هذا الحب فنحن بخير، لن نخوض المستقبل بقلوب متعفنة...".

وفي رسالة قصيرة أخبرها أن لا أروع من الانتماء لامرأة، وأنه يتمم الانتماء للوطن الأكبر.

لون باللون الأحمر وبخط عريض عبارة "إن انخفاض منسوب الحب هو أخطر شيء يواجهنا في الضفة وغزة.."، أضاف بخط تقليدي متسائلا: "ماذا عن الصراخ في الشوارع، ولون الوجوه، والبحث عن الرزق، وطبيعة أدعية المساء، ورهبة الحلم، ورغبات الرحيل الفاشلة..؟".

ردت علي رسالته: "وكأن عقلنا قسمان، عقل سليم وأخر مضطرب، وهذه الأيام يزورنا عقلنا المضطرب الذي يتربع في شوارعنا بعنجهية وقبح، جاء دوره ليفرض عضلاته ويسوقنا كدواب، يبدو أنه بين كل فترة وفترة يستغني الفلسطيني عن رشده.. لتظهر لك صور مجنونة تثير جلطات كثيرة في كل أنحاء جسدك، ليس ذلك فحسب بل جلطة في الشكل، وجلطة في اللغة، وجلطة في التفكير، وجلطة في الاستيعاب، وجلطة في الأماني..."

في فقرة أخيرة كتبت: "العيون أراقبها، أراقبها لك ولأجلك، دلتني على أكثر مما أقول.. لا احد ينظر للعيون هنا.. قلة فقط ينظرون، لان الجميع منكسر، فاقد لشهية النظر، ... أسمعت بعبارة: "القرد توقف على ذنبته" يعني احتمال السقوط في أي لحظة وارد..وارد جدا، كلنا نقف على رؤوس أصابعنا وندعو أن لا يزورنا انهيار وشيك، كلنا راقصي "بليه" على "مرش" الحرب الأهلية، والكل يكمن مستجمعا بقايا قوة، كمون يجعلك تستوعب أكثر، وتكتنز مشاعر الخوف، وعذاب الطرقات، واحتقار النظرات، وحالات الفرز السياسي والخطف والقتل...".

 

 

* 5 *

 

"بعيدا بعيدا" : رحت ع بيت الشهيد

"بعيدا بعيدا": أول يوم العيد

"بعيدا بعيدا": وطلعت مسيرة

"بعيدا بعيدا": كنت أبحث عن نفسي

"بعيدا بعيدا": حسيت حالي بمشهد قصصي

"بعيدا بعيدا": فتشت عن مشاعر افتقدتها

"بعيدا بعيدا": فتشت عن القدرة على البكاء

"بعيدا بعيدا": عن الحزن الحقيقي مع البشر

"بعيدا بعيدا": أنت قد لا تعرف أن الهزيمة بعيدة في داخلي

"بعيدا بعيدا": حتى في حرب لبنان

"بعيدا بعيدا": لم أكن أستطيع أن استعيد مشاعر التأييد أو الحب أو الدعم للمقاومة

(.............): اغتراب إذا

"بعيدا بعيدا": بعيد للغاية

"بعيد للغاية": بطل اشي يهز

"بعيدا بعيدا": عنجد احنا بلحظات تاريخية زفت

(............) ومنظر الشهيد..ألم يهز؟

"بعيدا بعيدا": الشهيد ما هزني

"بعيدا بعيدا": تصور

"بعيدا بعيدا": عندما احضروا  جثمانه في ساحة البيت

"بعيدا بعيدا": حاولت امرأة أن تعيد شيء للمشهد

"بعيدا بعيدا": انفعال

"بعيدا بعيدا": هتافات

"بعيدا بعيدا": ما حد رد من وراها

"بعيدا بعيدا": كانت أشبه ما تكون ....

"بعيدا بعيدا": خارج النص

"بعيدا بعيدا": صوتها حسيته مش واصل

"بعيدا بعيدا": والموجودين كانوا بلحظة خدر

"بعيدا بعيدا": هيك الوضع ..

"بعيدا بعيدا": الناس في موات

"بعيدا بعيدا": انه العجز المقيت

 "...........": .... ـ .....، .... .

 

 

* 6 *

 

"يزيدك عمق الكشف غموضا":  كل مطر وأنتما بخير

(.........): كل تعب وأنت بخير....

(.........): مشتاق بعدد حبات المطر الذي هطل على وجعنا

"يزيدك عمق الكشف غموضا":  وأنا أكثر

"يزيدك عمق الكشف غموضاً": بحجم حبات الوجع التي تصعد

"يزيدك عمق الكشف غموضا" :كل لحظة من هنا وهناك

"يزيدك عمق الكشف غموضا" :من بلاد تتفنن في صنع الألم والقذارة

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :أنت كيفك؟

(.........) : وماذا غير الاشتياق والوجع

(.........) : "بدي أروح..."

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :لا تروح

"يزيدك عمق الكشف غموضا"ً: يا الهي قديش حابب ازور القاهرة

"يزيدك عمق الكشف غموضاً": القاهرة... وبيروت كمان

(..........): طمني على روحك؟

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :جيد

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :تستطيع القول أنني الفلسطيني الوحيد الذي يمكن أن تجلس معه أن يشعرك بيأس أو إحباط

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :الكل هنا ذبل

"يزيدك عمق الكشف غموضا"ً :هم يختنقون

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :أنا لا اختنق

"يزيدك عمق الكشف غموضا"ً :من حصار

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :ولا احتلال

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :ولا تجويع

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :هذي بديهيات الاحتلال

"يزيدك عمق الكشف غموضا"ً : لكن لا فعل لدينا سوى توسل الرغيف

(...........)  : وكيف الناس؟

(............) :كيف يتعاملون مع زوجاتهم في الشارع؟

(............) : هل يمسكون أيادي بعض؟

(............):هل يحملون أكياس وألعاب ويشمون ورد؟

"يزيدك عمق الكشف غموضا" :نعم

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :لكن خائفون

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :في نابلس يبدو كل شيء من زجاج

"يزيدك عمق الكشف غموضاً :"يمكن أن يتكسر في أي لحظة

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :بفعل مشكلة هنا أو هناك

"يزيدك عمق الكشف غموضا"ً: قبيح أن يحترم الاحتلال سهرتنا، فلا يدخل المدينة قبل ان ينام الناس...

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :وقبيح أن يثور شباب الميدان بسلاحهم

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :لمجرد أي خلاف

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :أنهم احتلال جديد أسوأ

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :أنهم يجرحون رغبة أم في النزول مع أولادها

"يزيدك عمق الكشف غموضا" :وينزعون هناءة صبية تحاول اصطياد رفيق

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :أنهم

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :كما أسميتهم أنا

"يزيدك عمق الكشف غموضاً" :أعداء الجمال...

 

* 7 *

 

"لم نكن.. لست أنا كما أنا" ً :أخشى أن يجرحنا

"لم نكن.. لست أنا كما أنا" :النص

"لم نكن.. لست أنا كما أنا" :فنبك وحدنا

"لم نكن.. لست أنا كما أنا" :لا يمكن أن تتصور كم هي الغربة في مدينة مثل نابلس

"لم نكن.. لست أنا كما أنا" :أشكالهم غريبة جدا.. جدا.. جدا..

(...........) : وووووالكتابة

"لم نكن.. لست أنا كما أنا": أنها وهم التفوق وأنا لم أعد قادرا عليها

"لم نكن.. لست أنا كما أنا": تقديم جليل الأفكار في قليل الكلام كما أشار "كونديرا" أصبح "بدعة".

"لم نكن.. لست أنا كما أنا": هذه الفرجة التي نعكف على متابعتها بصمت تكفي..

"لم نكن.. لست أنا كما أنا": التصايح سيصل لمستواه في هذه "العثرة" الكبيرة

"لم نكن.. لست أنا كما أنا": وسنعض قلوبنا دون اعتبار أيضا.. 

"لم نكن.. لست أنا كما أنا": لا يمكن أن ننجو من زماننا..!!!!

"لم نكن.. لست أنا كما أنا": انزياح انزياح.. انزلاق انزلاق...

 _________________________________________________________ .

** قاص وإعلامي فلسطيني مقيم في القاهرة مؤقتا. Saidpress_1@hotmail.com

أضف تعليق
تغيير الصورة
تعليقات الزوار
تصميم وتطوير: ماسترويب